الجمعة، 24 نوفمبر 2017

المجاهرون بالإفطار في رمضان بالمغرب: تعارض الحرية الشخصية مع الحريات العامة

إن الوقفة الاحتجاجية التي سبق أن نظمها بعض المغاربة أمام مقر البرلمان للاحتجاج على القانون المغربي المتعلق بتجريم الإفطار العلني في رمضان، تندرج ضمن سلسلة من المؤامرات المتكررة على وحدة المجتمع المغربي المسلم، والمخطط لها سلفا من جهات خارجية تسعى إلى تفكيك  البنية الروحية للمغاربة، وتحويلهم إلى قطعان غنم مفرقة، ولعل تكرار خروج هؤلاء المتظاهرين كل سنة مع حلول شهر رمضان يدل على أن تحركاتهم ليست بريئة، بل إنها مؤطرة فكريا وسياسيا وتخدم مصالح خارجية، كما أنه لا  يمكن أن نفصل بين مجموعة من الحوادث المختلفة التي وقعت في السنوات الفارطة بعدة مدن مغربية وبين خروج ما يعرف ب"وكالين رمضان" إلى الشارع العام، ففي السنة الماضية تابعت وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية دخول فتاتين تحملان الجنسية الفرنسية  إلى المغرب ينشطن في الجمعيات النسائية العالمية التي يطلق عليها "الفيمينيزم Féminisme" حيث قامتا بالتعري العلني قرب صومعة حسان بالرباط، والتقطت لهما صورا تخدش الحياء العام، قبل أن يتم ترحيلهما من طرف السلطات المحلية.
دون أن ننسى حوادث أخرى مثل اعتقال "فتاة إنزكان" التي خرجت للشارع بلباس غير محتشم، وتكررت نفس الحادثة بأسفي، وعرفت مدن أخرى ما يسمى  بحركة الشواذ جنسيا، حيث تعرض أحدهم للضرب في مدينة فاس، وتم اعتقال آخرين في مدن أخرى، ونذكر أيضا قضية المطالبين بزواج المثليين، وأصحاب القُبَل الساخنة التي تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، ومجموعة "كيف كيف" الذين لا يتورعون في استفزاز المجتمع المغربي المسلم بتحركاتهم المشبوهة في الشارع، وكان آخرها أمام البرلمان حيث يطالبون من خلالها بالمساواة بين الجنسين في كل شيء، حتى وصل بهم الأمر إلى المطالبة بإعلان الشذوذ الجنسي، وزواج النساء بالنساء....الخ، وكل هذه القضايا تم تضخيمها إعلاميا من جهات معروفة بعدائها للدين، وواضح توجهها الفكري، وأيضا الأطراف التي تدعهما خارجيا.
إن المتتبع لكل هذه الحوادث الغريبة عن قيمنا الروحية، وعن ثقافتنا المغربية الأصيلة، سيلاحظ وجود ترابط عضوي بينها، بل إنها تحمل نفس الأهداف وإن اختلفت الوسائل، والأكيد أن كل هذه التحركات الشاذة في المجتمع المغربي يحاول أصحابها التأثير على أصحاب القرار، وتطويعهم لخدمة أهدافهم المنحرفة، بل ويستغلون عامل الحرية الممنوحة في البلاد للتظاهر كلما أتيحت لهم الفرصة، لكن إذا تأملنا جيدا في هذه القضايا، ونظرنا إليها في شموليتها سنجد بأنها مترابطة وخادمة لأهداف محددة، وأن أصحابها يسعون من ورائها إلى جس نبض الرأي العام المغربي، واستكشاف ردة فعله، ومدى تقبله لمثل هذه المطالب.
ولذلك فاختيارهم الخروج في هذا التوقيت له دلالات رمزية معينة، إذ  أن شهر رمضان له قدسية عند عموم المغاربة باعتبارهم مسلمين، وكلهم مجمعون على عدم السماح بانتهاك حرمته، ولهذا فإن تظاهر هؤلاء المجاهرون بالإفطار يدل على تعمدهم استفزاز المغاربة المسلمين، و زعزعة ثقتهم في ثوابتهم الروحية، مهما كانت نتيجة أفعالهم بعد ذلك، وواضح بأن تكرار هذه الخرجات المشبوهة يهدف أصحابها من وراء ذلك إلى محاولة إحداث انقسام في المجتمع المغربي، والعمل على توسيع دائرة المفطرين في رمضان في أفق تأسيس جمعية تدافع عنهم، وتتبنى مطالبهم، من أجل إدراجها ضمن حقوق الإنسان والحريات العامة.
إن ما يقوم به أصحاب هذا التيار الانهزامي لا يمكن أن ندرجه في إطار حرية المعتقد      – كما يزعم البعض – أو في إطار الحرية الشخصية التي تدافع عنها النظم الحداثية في العالم، لأن الشريعة الإسلامية كفلت للآخر المخالف حرية المعتقد، وحرية ممارسة شعائره التعبدية دون إكراه من أحد أو تضييق، ولكن مثل هذه التصرفات الغريبة تعتبر إساءة لثوابت الأمة الإسلامية، وسعيا مكشوفا لإثارة الفتنة في المجتمع المغربي المسلم، بدليل أنه لو كان هؤلاء في الحقيقة يرفضون صيام شهر رمضان فقط، فهذا يعد اختيارا منهم ولا أحد سيكرههم على الصيام، ولهم أن يتواروا عن الأنظار، أو يدخلوا بيوتهم فيوصدوها عليهم، ويفطروا كما شاءوا، لكن إصرارهم على الخروج إلى الشارع العام والمجاهرة بالإفطار، بل والمطالبة بإسقاط القانون الذي يجرم الإفطار، كل هذا يمكن اعتباره عملا مدروسا ومخططا له سلفا، لتأليب الناس وتحريضهم على العصيان، وانتهاك الحرمات الدينية في البلد، لأن المثل المشهور يقول:" حريتك تنتهي عند حرية الآخرين"، والحرية لا تعني الدوس على كل القيم والأخلاق المتعارف عليها في  المجتمع، وما يقوم به هؤلاء لا يدخل بتاتا في إطار الحرية الشخصية، فإن كانوا يعتقدون أن أفعالهم هذه تدخل في مسمى الحرية الشخصية، فعليهم أن يدركوا أن الغالبية العظمى من الشعب المغربي المسلم ضد هذه الحرية الشخصية لأنها تتعارض مع حرياتهم العامة.
========
أسعير البشير
طالب باحث 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق